منذ بداية الخليقة وعى الكائن البشري لكلا الجنسين من الرجل والمرأة على مسار جمع
الشمل وعلى الرغم من ان هذا العالم المتسم بالازدواجية، نجد انفسنا في أشكال
مختلفة، لا يوجد تميز إمرأة او رجل بل الموجود هو: (كائن بشري) فقط .
خلال
التقاليد الصوفية ومعرفة الحقيقة الصوفية والنضوج الروحي للمرأة وباسلوب ونمط لا
يمكن ان نجده في الغرب. لعبت المراة منذ الايام الاولى فصاعدا دور مهم في
تطورالصوفية وقد عرفت كلاسيكيا بأنها بدأت مع النبي محمد
الذي جلب لها
التكامل الروحي والمادة لجوهر الحياة اليوميه، وميز العنصر الانثوي وكذلك العنصر
الذكري .
كما ان القرأن الكريم نقل المساواة بين الرجل والمرأة امام اعين
الله
في الوقت الذي كانت القبائل البدويه
التي تعبد الاصنام لا زالت بربريه وتقوم بوأد البنات الرضع وهم احياء لمصلحة الرجل
.
وأن ما جاء في القران الكريم ادى الى معالجة الخلل الذي نشأ واعاد وحدة الكائن
البشري دون تمييز واعطى ااحترام وتكريم الانثى وكذلك لأجل انسجام وتوافق الطبيعه
.
وفي السنوات الاولى من ظهور العهد الجديد كانت خديجه الكبرى الزوجه العزيزة
للرسول محمد
وقد لعبت اهم واعظم دور فهي التي سندت وساعدت وعززت ضد شكوكه وانذهاله
وارتباكه فترة تعبده، لقد وقفت بجانبه في فترات عصيبه وصعبه جدا حيث ساعدت الرسول
محمد
بحمل نور الايمان الجديد .
كانت فاطمه الزهراء ابنة محمد
وخديجه
الكبرى، وهي اول من نقل اليها فهم الصوفيه في الاسلام، واول من تميزت وعرفت
بالمسلمه الصوفيه وان زواجها من علي
هو ربط هذه الظاهره الجديده للصوفيه
بالعالم، وان بذور الوحدة بدأت تزدهر وتظهر للوجود مع معرفة الله بالتأمل والرؤيا
مع تطوير الجانب الصوفي للاسلام .
كانت (رابعة العدوية) المرأه الصوفية التي
عاشت للفتره (717–801) بعد الميلاد وهي اول من عبرت عن العلاقة مع الله
في اللغة الصوفية بالاشارة الى الله العزيز،
وقد جاءت لتميز هذه العلاقة بشكل محدد. وكانت (رابعة العدوية) اول كائن بشري يتحدث
عن الوقائع المتعلقة بالصوفية وباللغة التي يفهمها كل واحد، وبالرغم من انها عانت
صعوبات عديدة في سنوات عمرها الاولى فنقطة انطلاقها لم تكن بدافع الخوف من جهنم ولا
بدافع الرغبة لبلوغ الجنة، لكن كان الحب لله
فقط .
قالت (رابعة العدوية) : الله هو الله ولأجل ذلك انا احب الله
وليس بسبب اية هبات، ولكن لذاتها وهدفها كان هو ذوبان ذاتها في الله ، وحسب رؤياها
يستطيع المرء ان يجد الله من خلال التأمل بذاته ومن خلال الحب المتماسك بالوحدة بين
الكائنات البشرية .
وخلال القرون قد تواصل كلا من المرأة والرجل بحمل نور هذا
الحب (حب الله) ولهذه الاسباب كانت المرأة نادرا (ما تشاهد واقل صوتا من الرجل،
ولكن مع ذلك كان كلا الرجل والمرأة متشاركين فعلا) .
ومن خلال بعض الواجهات
الصوفيه قد اندمجت النساء مع الرجال في المراسيم، وفي واجهات اخرى النساء تجمعوا في
(حلقات الذكر) الخاص بهم، وقد قامت النساء بالعبادة بعيدة عن الرجل وان بعض النساء
كرسن انفسهن الى الروح الزاهد بعيدة عن المجتمع كما فعلت رابعه العدويه .
وقد
ظهرت نساء اخريات بدور المحسنات والمتبرعات بهبات خيرية وقد قوين وعززن حلقات
العبادة .
ان عدد من الاسياد العظماء والذين لنا معهم اللغه في الغرب، لهم
مدرسين ومعلمين ومفكرين وتلاميذ وكلهم من العنصر النسائي .
وان بعض الاصدقاء
الروحيين الذين تأثرت افكارهم بصورة كبيرة، كانت تقوم الزوجات والامهات بتقديم
الاسناد والعون لأفراد عوائلهم وهم يتواصلون في رحلتهم نحو الوحدة مع المحبوب
.
ان (ابن عربي) القطب العظيم بالمعرفة عاش للفتره (1165 – 1240) بعد الميلاد
وقد امضى فترة من حياته مع امرأتان صوفيتان طاعنتان في السن وكانتا ذو تأثير عميق
عليه، احدهما (شامز مارجينا Shams of Marchena) وكان الاكثر شوقا لها.
وفاطمة
كوردوف (Fatima of Cordova) وقد قضى معها زمن طويل، وهو يقول: انا خدمت سيدة من
المحبين لروح الله (سفيلى Seville) وتدعى (فاطمة بنت ابن المثنى) كوردوف وانا
كأنسان ملتزم خدمتها لعدة سنوات كونها تجاوزت سن (95 سنة) وقد اعتادت الضرب على
(الدف) وتشعر بتسلية ومتعة فيه .
عندما تكلمت مع ( فاطمه كوردوف) عن ابن عربي،
اجابت قائله: اني مسرورة فانه حيث التفتت نحوي وجعلني واحدة من اصدقائه وقد سخرني
لاغراضه الخاصه الدينية ومن اكون انا حتى يختارني من بين الجنس البشري ؟ لقد بعث
ابن عربي فيﱞالانتماء وكل ما يتعلق بالصوفية .
وقد بنى لها كوخ من البردي سكنت
فيه حتى توفيت، واعتادت ان تقول (لابن عربي): انا الام الروحية لك ونور الام
الدنيوية وعندما جاءت امه لزيارتها قالت (فاطمه كوردوف) لأمه: اه يانور هذا ولدي
وهو ابنك احبيه ولا تكرهينه .
كان (بايزيد بستامي Bayazid Bestami) الذي توفي
سنة (874 بعد الميلاد) هو احد الساده المشهورين وعندما سأل من كان سيده؟ قال: انها
سيدة مسنة والتي قابلها في الصحراء، وقد لقبته الطاغيه لانه كان يضطهد الخلق وكان
يريد معرفة المعجزات وكان يظهر الغرور وقد اعطته الارشاد الروحي لبعض الوقت
.
وهناك امرأة اخرى اولى (Bayzid) لها اعتبار عظيم وكانت اسمها (فاطمه نشا يوري
Fatimah Nishapuri) التي توفيت عام (838) بعد الميلاد وقال عنها : ليس هناك محطه
على الطريق التي اخبرتها عنها لم تصادفها .
وعندما سأل مرة (صوفي مصري) : من هو
في اعتقادك اعلا صوفي منزلة من بين الصوفيين اجاب: هي سيدة مكه تدعى (فاطمه نشا
بوري Fatimah Nishapuri) التي اظهرت في حديثها الفهم العميق للمعنى الباطني للقرأن
الكريم، وهي معلمتي وقد ارشدتني وقالت لي: في كل اعمالك لاحظ نفسك بان تتصرف بأخلاص
امام (اعماق نفسك) (النفس) وقالت: الذي لم يكن الله في وعيه يكون في الوهم، ومهما
تكن اللغة التي يتكلم بها ومهما تكن الصحبه التي يتمسك بها، ومهما يتمسك بصحبته
لله، عليه ان لا يتكلم بأستثناء الكلام بأخلاص والتمسك بالتحفظ المتواضع والتكريس
الجاد في سلوكه .
كانت زوجة الصوفي (الحكيم الترمذي Al -Hakim at-Tirmidhi)
صوفيه خلال القرن التاسع اعتادت ان ترى الرؤيا من اجل زوجها ونفسها. (ال Khider)
(القادر) شخص يظهر لها في الرؤيا، وفي احد الليالي اخبرها ان تبلغ زوجها ان يحرس
طهارة ونظافة بيته، ربما كان (ال Khider) (القادر) يشير الى نقص النظافة التي تحصل
لبعض الاحيان بسبب اطفالهم الصغار وعندما استجوبته في الرؤيا استجاب بالاشاره الى
لسانه، وكان عليها ان تجبر زوجها ان يكون حكيم ومتعقل وواعي لنقاوة وطهارة كلامه
.
ومن بين النساء اللواتي اتبعن سبيل الحب والحقيقه من المبتهجات والباكيات،
امرأه فارسيه تدعى (شوانا Sha,wana) وهي من النساء اللواتي بكوا وقد اجمع حولها
الرجال والنساء لسماع اغنياتها واحاديثها، واعتادت ان تقول: (ان العيون المحرومة من
التمسك والتعلق بالمحبوب، لا زالت راغبة ومتشوقة للنظر اليه، ولا يمكن ان تكون هذه
الرؤيا ملائمه بدون البكاء) .
وان (شوانا Sha,wana) لم تكن فقط عمياء بدموع
الصبر ولكنها انبهرت بالمجد البراق للمحبوب، وخلال حياتها قد جربت التقارب العميق
مع الله تعالى وهذا قد اثر بصوره عميقة في زوجها التقي والخاشع وابنها الذي اصبح
ملاك بنفسه، وقد اصبحت واحدة من احسن وافضل المعلمات والمرشدات في زمانها .
كان
(فيدا Fedha) واحد من الرجال المبتهجين الذي تزوج من إمرأة علمت بأن (بهجة القلب
يجب ان تكون سعادة مستندة على ما نحن نشعر به باطنيا (لذا ينبغي علينا دائما) ان
نسعى للسرور ولبهجة قلوبنا حتى يتسنى لكل امرىء من حولنا ان يبتهج ايضا) .
منذ
قرون مضت وكلمات النساء الصوفيات تظهر في تفاصيل تقليدية لتعليقاتهم او من الشعر او
القصائد والكلمات التي نمت وتطورت، وبالرغم من ان القرآن الكريم شجع التعليم بصورة
كبيرة، بالنسبة للمرأة والرجل، ولكن المرأة تتلقى بعض الاحيان فرص أقل للتعليم من
الرجل في ظروف مماثلة، وهذا سوف لا يعالج الدور التطوري للنساء بشكل عام حول
العالم، والتي غالبا ما واجهت معالجة ذات أحكام مسبقة من خلال المجتمع الاسلامي ومن
خلال إسلامنا .
وان القرآن الكريم يأمر بصورة أساسية بالاحترام المتبادل
والتقييم للكائن البشري بغض النظر عن الجنس والحالة الاجتماعية، وان فهم القرآن
الباطني كان الجوهر الاساسي لمفهوم الصوفية، علاوة على ذلك فأن الثقافة التي برزت
ووجدت فيها الصوفية إتجهت لنقل الشكل الاكثر مادية وشفوية من الشكل التحريري.
وللنساء على وجه الخصوص قد كان لهم توجه أقل للكتابة مفضلين بدلا من ذلك معايشتهم
لتجربتهم ومع ذلك كان نساء قد كتبوا ودونوا تجربتهم الصوفية بشكل أغاني ومن خلال
الصحف وفي بيان تفسيري .
وان الثقافة الغربية تترجم الكثير من تلك الاعمال
والكثير من القصص حول الصوفية التي أصبحت في متناول أيدينا وما تقوم به هذه القصص
من كشف وتنقيب عن الصوفيين، فنحن نكتشف حياة واعمال الاخوات الصوفيات ومن بين تلك
الاخوات نذكر (فاطمة أو جهان Jehan-Ara) الاخت المفضلة لـ (شاه جهان) الامبراطور
المغولي للهند الذي عاش للفترة (1592_1666) بعد الميلاد وقد كتبت (فاطمة) جانب من
طفولتها في كتاب يطلق عليه
(Sahibiyya Risala-i) والمعروفة بأنها ذات تفسير جميل
للصوفية من خلال قلبها .
كانت (عائشة Aisha) من دمشق وكانت واحدة من أشهر
الصوفيات في القرن الخامس عشر وقد كتبت المعلقة المشهورة بـ (الخواجة عبد الله
الانصاري محطات على الطريق Khwaja Abdullah An sari s Stations on the Way) .
أن المرأة الصوفية في جميع أنحاء العالم تستمد هويتها في العديد من النظم
الصوفية .
في تركيا بوجه خاص أن التعليم يستمد من خلال النساء والرجال وبسبب
تحريم (آتاتورك) الاخير للنظم الصوفية في هذا القرن الذي دفع الكثير من الممارسات
الصوفية في مزاولة ذلك في البيوت الخاصة .
وهناك نساء في تركيا مثل (زينب
خاتون) في أنقرة تستمد لوحي الناس في تركيا وخارج تركيا من خلال قصائدها وأغانيها
الصوفية .
أن المدارس الصوفية إنتشرت من الشرق الاوسط الى أوربا من زمن مضى وان
الموجات الجديدة مستمرة بالوصول والنشر .
(أرينا تويدي Irina Tweedie) مؤلفة
لكتاب (بنت النار Daughter of Fire) وقد نقلت المؤلَف مؤخرا من الفرع الهندي
(Naqshbandi Line) واعادته الى إنكلترا بلد الام، وان عملها مستمر في أمريكا من
خلال المركز الصوفي الذهبي في كليفورنيا .
وان الصوفية قد إزداد الترحيب بها
باقصى مدى من قبل النساء وهي (Chishti Order) التي أتت الى أمريكا بواسطة (Hazrat
Inayat Khan) .
وان من النساء الصوفيات الاكثر شهرة هي
(Murshida Vera
Corda) وكان جزء من عملها مع الاطفال وتملك العلم اللدني بمصادره العديدة