أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها
--------------------------------------------------------------------------------
هي أم المؤمنين أم حبيبة بنت زعيم قريش أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب وأخوها معاوية بن أبي سفيان حيث أسلم أبو سفيان بن حرب يوم فتح مكة مكرها ثم صلح إسلامه وكان من دهاة العرب ومن أهل الرأي وشهد الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة مثل حنين والطائف، فقلعت إحدى عينيه فيها وهو يحرض المسلمين على الجهاد، وقلعت الأخرى يوم معركة اليرموك في عهد أبي بكر الصديق، وكان يصيح في المسلمين قائلا: الله، الله، إنكم أنصار الإسلام ودارة العرب، وهؤلاء أنصار الشرك ودارة الروم، اللهم هذا يوم من أيامك، اللهم أنزل نصرك.
وكان أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر سنوات وتوفي بعده بعشرين عاما وعمره نحو تسعين سنة.
هكذا يقول الباحث الإسلامي منصور عبد الحكيم مضيفا أن ابنته أم المؤمنين رملة وتكني أم حبيبة أسلمت قديما بمكة في أول الدعوة هي وزوجها الأول عبيد الله بن جحش الأسدي، وكان قبل إسلامه على دين النصرانية حيث كان هو وقلة قليلة هم أربعة من أهل مكة عبدوا الله على دين النصرانية وملة إبراهيم عليه السلام وهم: ورقة بن نوفل وعثمان بن الحويرث بن أسد وزيد بن عمرو بن نفيل وعبيد الله بن جحش.
وعن هجرتها رضي الله عنها يقول:
حين اشتد أذى الكفار بالمسلمين الأوائل بمكة أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة، فكان من المهاجرين عبيد الله بن جحش وزوجته رملة بنت أبي سفيان في الهجرة الثانية إلى الحبشة وكانت حاملا منه، وأنجبت ابنتها حبيبة وبها تكنى وذلك في الحبشة.
وعاشت أم حبيبة في دار الهجرة صابرة مؤمنة تحافظ على دينها وإسلامها، وذات ليلة رأت أم حبيبة رضي الله عنها في منامها زوجها عبيد الله بن جحش بأسوأ صورة وخلقة، ففزعت من تلك الرؤيا.
وفي اليوم التالي أخبرها زوجها أنه عاد إلى دين النصرانية وترك الإسلام ودعوة محمد صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الدخول في ملة النصرانية وترك دين الإسلام، فأبت وأنكرت عليه ما أقدم عليه وعاد له، وحاولت أن تعيده إلى دين الإسلام دون جدوى، وانفصلت عنه وتركته وعاشت وحيدة في ديار الغربة، ولم يلبث زوجها أن مات وهو على دين النصرانية مرتدا عن الإسلام.
يقول الباحث منصور عبد الحكيم: ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بأخبار أم حبيبة رضي الله عنها وارتداد زوجها عن الإسلام ثم وفاته، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة المنورة، رأى أن يكرمها فعزم على الزواج منها وهي بدار الهجرة فأرسل عمرو بن أمية إلى النجاشي ملك الحبشة كي يزوجه من أم حبيبة وأن يكون النجاشي وكيله في عقد الزواج.
فأرسل النجاشي جاريته إلى أم حبيبة كي تزف إليها البشري، ففرحت أم حبيبة لذلك فرحا شديدا، وأهدت الجارية التي بشرتها سوارين من فضة وخلخالين وخواتيم من فضة.
وأتم النجاشي الزواج المبارك بنفسه ودفع صداق أم حبيبة أربعمائة دينار وكان ذلك أكبر صداق لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي حفل الزواج حضر المهاجرون من المسلمين وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب وخطب النجاشي خطبة الزواج فقال:
الحمد لله الملك القدوس، السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنه الذي بشر به عيسي ابن مريم، أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أن أزوّجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصدقها أربعمائة دينار.
ثم سكب الدنانير بين يدي القوم من المسلمين وجلس مكانه، وخطب وكيل العروس خالد بن سعيد بن العاص قائلا:
الحمد الله أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أرسل بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان. فبارك الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقبض وكيل العروس المهر، ودعا النجاشي المسلمين إلى وليمة العرس فأجابوا.
وظلت أم حبيبة رضي الله عنها في الحبشة حتي رحلت مع من بقي من المهاجرين بالحبشة إلى المدينة المنورة قبل فتح مكة وقبل صلح الحديبية.
ودخلت أم حبيبة رضي الله عنها المهاجرة الصابرة بيت النبوة، بعد عودتها من الحبشة عقب انتصار المسلمين في غزوة خيبر وبعد دخول السيدة صفية بنت حيي بيت النبوة أيضا.