يمكن النظر إلى التصوف الإسلامي – دون تأصيلات فكرية و تاريخية شتى- أنه مشرب ذوقي
حده أبو القاسم الجنيد بقوله :"أن يميتك الحق عنك ويحييك به" .. وبصورة أكثر جلاء
ووضوحا ، نرى العلامة المؤرخ الكبير عبد الرحمن ابن خلدون يشير في " مقدمته" إلى أن
علم التصوف هو حادث في الملة رغم أن " طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة ،
وأصلها العكوف على العبادة ، والانقطاع إلى الله تعالى و الإعراض عن زخرف الدنيا
وزينتها .." 1 ، ويضيف قائلا :"لما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني الهجري
، وجنح الناس إلى الدنيا ، اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة ..
ويحتاج المريد إلى محاسبة النفس في أعماله كلها وينظر في حقائقها ..الخ".
وهذا
يدل على أن التصوف الإسلامي في جوهره الحقيقي هو إخلاص التعبد لله عز وجل ، وعدم
الانجراف إلى تغليب الجوانب المادية للحياة الإنسانية على الجوانب الروحية التي لا
غني عنها للإنسان السوي .
ويرى الإمام شيخ الإسلام أبو حامد الغزالي في " المنقذ
من الضلال" أن الصوفية هم السالكون لطريق الله ، وأن سيرهم وسيرتهم أحسن السير
وطريقهم أصوب الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق ، لأن جميع حركاتهم وسكناتهم مقتبسة من
نور النبوة ، الذي ليس وراءه نور – على وجه الأرض- يستضاء به.."ويقول الفقيه
المتصوف الشيخأحمدزروق،
وهو دفين مدينة مصراتةالساحلية الليبية ، توفي في12 صفر 899 هـ ،حوالي
1493 ميلادية ، يقول:" لا تصوف إلا بفقه ، ولا فقه إلا بتصوف ، اذ لا حقيقة للعلم
إلا بالعمل ، ولا عمل إلا بصدق التوجه ، ولا هما إلا بالإيمان.."ويري الشيخ زروق أن
الصوفي مسؤول أكثر من غيره عن إتباع الشعائر الإسلامية بدقة واحترام بالغين حتى
يبعد أي خلط ويتجنب كل محذور من الغلط وسوء الفهم.وحتى بالنسبة للمذاهب الإسلامية
الفقهية يخطئ من يري تحلل الصوفي منها ، ومن الأمثلة على ذلك أن الجنيد كان من
أتباع الفقيه سفيان الثوري ، وكذلك كان أبوبكر الشبلي مالكيا ، وكان الحارث
المحاسبي شافعيا .إن المسلم الحق هو الذي يحقق"الإيمان" بتأديته عبادات " الإسلام "
. أما المسلم المثالي فهو ذاك الذي يكمل الدائرة بالنضال الدائم للوصول إلى مقام
"الإحسان" ، كما في الأثر النبوي الشريف في حديث جبريل المعروف . ويستخلص الشيخ
الزروق ، وهو من عظماء الطريقة الشاذلية ، أن الإنسان يجب أن يولي وجهه شطر الله
متيقنا أنه " هو" الموجود في الوجود كله ، ) مقام العارفين ( . كما لا يستطيع
الإنسان "شهود" الله، ولكن ينبغي عليه اليقين بأن الله يراه ، ولهذا يلتزم بما جاء
في الدين عقائد وعبادات) مقام ما دون العارفين) .
وبعد ظهور التصوف وأعلامه
انتشر في أرجاء العالم الإسلامي حتى يوم الناس هذا على الرغم من الجدل التاريخي ،
الذي احتد على مر العصور بين العلماء والفقهاء حول معتقدات بعض كبراء المتصوفة ،
الذين دخلوا في المعركة ، ودفع بعضهم روحه ثمنا لتصوفه كالحلاج على سبيل المثال
.
التصوف في غرب إفريقياتتميز علاقة الأفارقة
بالتصوف بخصوصية تاريخية فريدة ، لأن التصوف والمتصوفة كانوا أحد الوسائل المتاحة
للأفارقة للدخول في الدين الإسلامي ، ولهذا ينظر أغلب الأفارقة إلى شيوخ التصوف
نظرة تقدير وإجلال، باعتبارهم دعاة وهادين .
وخلافا لبعض الطرق الصوفية في
المشرق الإسلامي التي اتسمت بالدروشة ، فإن الطرق الصوفية في الغرب الإسلامي ليست
مجرد تنظيمات دينية سلبية تواكلية ، تبعد تلاميذها ومريديها للانقطاع والنأي في
البيوتات المظلمة الخالية من الحياة ، بل لقد غدت هذه الطرق الصوفية مثالا نابضا
بالتضحية والفداء في سبيل المبدأ وخدمة المجتمع ، والإعلاء من شأوه ، كما كان
لروادها العظام الدور الريادي في نشر الإسلام والثقافة العربية والإسلامية ، والعمل
لخيري الدنيا والآخرة .
ولهذا ليس غريبا أن تنتشر زوايا التصوف في الكثير من
القرى والمدن والضواحي في غرب إفريقيا وغيرها ، وهي الزوايا التي يساهم الأفارقة
المسلمون في بنائها وتعميرها ، وتمارس عليهم- ولهم) تأثيرا روحيا كبيرا ، ويحظي
شيوخها بالتوقير والإجلال ..كيف لا؟ وهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
.
ويكفي لباحث عن الأدلة على ذلك أن يقوم بجولة – ولو قصيرة- في إحدى الدول
الغرب إفريقية ليري بنفسه تلك المعاني و أضرابها تتجسد في الحياة اليومية للساكنة
في تلك الربوع الإفريقية .
ومن الصعب في عجالة الإحاطة بمختلف الطرق الصوفية
المختلفة والمتنوعة من قادرية وتيجانية ومريدية وشاذلية وعيساوية إلى غير ذلك ،
وبالتالي فمن الأسلم منهجيا وعلميا تركيز النظر على إحداها من أجل إعطاء صورة ومن
زاوية معينة عن الدور الذي يلعبه هؤلاء القوم في الدعوة إلى الله وتربية النفوس
ومجاهدتها على الخير والمعروف ..وقد ارتأينا إعطاء الأهمية ، كمثال على التصوف
المجاهد في غرب إفريقيا ، للتيجانية الحموية وليس في ذلك افتئاتا على الأدوار الجلى
لباقي الطرق الصوفية التي قدمت ولا تزال الكثير من الجهود الجهيدة التي يكتبها
ويوثقها كتبة التاريخ بدقة وإنصاف .
نحو التيجانية الحموية .. كتصوف
مجاهد.
تعتبر الطريقة التيجانية عموما هي إحدى الطرق الصوفية الشهيرة والمشهورة
، وذلك لانتشارها في شمال وغرب وشرق القارة السمراء ،وفي دولة مثل نيجيريا يصل عدد
مريدي الطريقة إلى أزيد من عشرة ملايين مريد ، علاوة على ملايين الأتباع في المغرب
والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا ومالي والسنغال وبوركينافاصو وساحل العاج وغينيا
.. الخ .
أما الطريقة الحموية ، خصوصا ، فإنها فرع أصيل من التيجانية ، مشتقة من
لقب مؤسسها الشيخ " أحمده" حمى الله ) حماه الله ( ، وتوجد عاصمتها الروحية في
المنطقة الحدودية المالية مما يلي موريتانيا ، وتحديدا في مقاطعة "انيورو دي ساحل"
( تبعد حوالي 400 كلم من العاصمة باماكو ، وحوالي 950 كلم من العاصمة الموريتانية
انواكشوط ، و150 كلم من عاصمة ولاية الحوض الغربي لعيون ..).وقد بدأت إرهاصات
الحموية حين سلم العلامة المربي الجزائري " الشيخ سيدي محمد الأخضر" في حدود 1900
ميلادية ، أمانة مواصلة مشوار طريقة أبي العباس أحمد التيجاني ( دفين مدينة فاس
المغربية في حدود 1230 هجرية( إلى الشريف الشاب أحمدَ حمى الله المولود 1303 هجرية
تقريبا ، وهو من أب شريف يدعى محمد بن سيدنا عمر التيشيتي ، وأم زنجية " فلانية")
قبيلة البولار( تدعى عائشة ( آستا) دجالو ، وكان الشيخ سيدي محمد الأخضر ) المتوفي
سنة 1909 ميلادية في مدينة انيور " تحريف شعبي إفريقي للنور" نفسها ( قد تسلم لواء
الطريقة التيجانية من شيخه سيدي الطاهر بوطيبة التلمساني ، وهو أحد خلفاء الشيخ
أحمد التيجاني مباشرة 8 .
وكانت فترة زيارة الشيخ الأخضر إلى تلك المنطقة
الحدودية هي فترة تجذر المستعمر الفرنسي في غرب افريقيا وتمكن حكام الفرنسيين ،
وتوابعهم " أملزات"! ، من بسط نفوذهم على شبه المنطقة على نحو شامل .
ولما تسلم
الشيخ الشاب أحمده حماه الله راية التيجانية في تلك المنطقة الجغرافية ، وتوافدت
عليه الناس أفواجا للبيعة والتبرك والاستطلاع ، انزعجت الإدارة الاستعمارية
الفرنسية في شبه المنطقة ، وضاقت ذرعا وحنقا على هذا المرشد الشاب الذي تملك القلوب
والعقول ولم يدارى أو يلاطف المستعمرين لا خوفا ولا طمعا خلافا للكثيرين في ذلك
الوقت الصعب .
وأدى ذلك إلى انزعاج الفرنسيين ، حيث كلف الحاكم الفرنسي للمنطقة
، Trason de voger تراسون دي فوجير ، مأموره Lewisdesmi ، الذي أعد تقريرا شهيرا
عرف في الإرشيف الاستعماري بإسمه ، وترجم لاحقا إلى عدة لغات ، وجاء في تقريره
:"خلال ثلاث عشرة سنة قطع حماه الله بذكائه وتوقد ذهنه مسافة طويلة في طريق السيطرة
على العقول والقلوب ، وهذا الذكاء هو الذي توسمه فيه الشيخ الجزائري الأخضر عندما
عينه ليكون خليفته رغم حداثة سنه ، لم يكن عنده مال يعتمد على قوته ، ولم يكن يبرح
داره إلا قليلا ، وتآلف حوله الأتباع وتهيأت له أسباب الدعاية ،وصار محترما وصيته
بعيد المدى ، ومع أن داره على بعد خطوات من دار الحاكم الفرنسي ، فإنه لم يشخص
إلينا يوما واحدا لتفقد أحوالنا ، كما يفعل الشيوخ الآخرون .. وإن لم نجد حلا لهذه
المشكلة بسرعة ، فلن تتم سنوات خمسة إلا وهذه البلاد كلها حموية .." 9
ويمضى "
دي سمي" قائلا :" .. واذا كان يتلقي الكثير ، فإنه بنفس القدر ، يعطي الكثير ولا
يحتفظ لنفسه الا بالقليل ، مقدما العون ، دون حساب للمحتاجين اليه ..".
كما أن
PAUL MARTY في كتابه عن الإسلام والقبائل السودانية ، يقول إن نفوذ الشريف حماه
الله كبير ، ويتمتع بتقدير لدى الناس خارق للعادة ".
ويقول الوالي الفرنسي في
المنطقة " بونامي" .." لايزال حماه الله يعيش بتواضع وزهد وتنسك . وكل الناس ، وحتى
الأكثر منهم تمسكا بمتاع هذا العالم يحترمون منهجه ويعتبرونه مثالا يحتذي
.."
وبعد هذه السلسلة ، التي سقنا منها عينة للاستئناس فقط ، من
التقاريرالاستخباراتية أقدم الفرنسيون على اعتقال شيخ الطريقة الحموية أحمده حماه
الله ، وتم نفيه إلى المذرذره (عاصمة ولاية اترارزة في غرب موريتانيا) ، ثم سان
لويس في شمالالسنغال ( العاصمة الاستعمارية لموريتانيا قبل الاستقلال) ، ثم آدزوبه(
ساحل العاج) .. ودام الاعتقال والنفي مدة عشر سنوات من 1925-1935 ميلادية ، وقد نجم
عن الاعتقال خوف وسفر عسرة دفعا الشيخ حمى الله إلي قصر الصلاة الرباعية عملا
بمضمون الآية الكريمة :
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا في الأرض إن خفتم
أن يفتنكم الذين كفروا .. الأية" ..
وأدى ذلك التصرف إلى حدوث أزمة فقهية سميت بـ"أزمة القصر" مابين مؤيد
ومعارض من الفقهاء في تلك الفترة .
وقد كان من عداوة الفرنسيين وأتباعهم للحموية
في ذلك الوقت أن كان استئصال شأفة الطريقة وتلاميذها هو البند الأول على الأجندة
السياسية للإدارة الفرنسية ، حيث صنفوها في طليعة المقاومة الثقافية والفكرية
للامبراطورية الفرنسية التي تسعى الى استدامة بقاءها و استتباب الوضع العام لها في
غرب افريقيا برمته .
وفي هذا السياق ما لبث الحاكم الفرنسي " بواسون" أن أعاد
إحياء مذكرة الاعتقال بحق الشيخ حماه الله ، بعد أحداث " أم الشقاق " المؤسفة بين
بعض أتباع الحموية وخصومهم ، حيث اعتبر الفرنسيون أن الشيخ حماه الله مسؤولا مباشرا
عنها ،ولهذا اعتقلوه يوم الخميس 19-6-1941 ، ونفوه إلى السنغال والجزائر ، ثم إلى
فرنسا (في عهد حكومة فيشي العميلة للاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية) ،
وفي يناير 1943 اعلنوا وفاته في " مونتلسن" ، وبالتزامن مع ذلك هدموا داره وزاويته
واعدموا ابنيه ( باب والشيخ سيد أحمد ) ، مع بعض المريدين من أعيان وشيوخ عدة قبائل
أهل سيدي محمود ولادم ولقلال وأولاد الناصر .. وأولاد بله .. وغيرهم ، واعتقلوا
أتباعه ، ونفوهم وعذبوهم في شتى أنحاء المنافي القريبة والبعيدة .
كل ذلك من أجل
القضاء على شأفة هذه العينة من " التصوف المجاهد" ومسحها من على البسيطة ، وذلك
بالقضاء على الطريقة الحموية التيجانية من غرب افريقيا ووأدها في بواكيرها .. غير
أن الحموية كانت تنتشر إلى كل موطئ قدم وصله الشيخ حماه الله .. فكان الفرنسيون
بنفيه وسجنه والتنقل به من مكان إلى آخر يعطون الفرصة لطريقته لتنتشر دون أن يبذل
جهدا في ذلك ، ودون أن يقدروا على فعل شيء إزاء ذلك !
واليوم .. هاهي الزاوية
الحموية في انيورو وغيرها من الحواضر الإفريقية تشع ذكرا لله آناء الليل وأطراف
النهار .. وقد خاب أمل الفرنسيين ومن والاهم ..ولم تنطمس الطريقة الحموية التيجانية
من افريقيا كما خططوا لها وصرفوا الأموال الطائلة في سبيل ذلك .
يذكر أن الحموية
، باعتبارها فرعا من أصل ، ترتكز في طقوسها على تلاوة ورد بسيط في أداءه وعظيم في
أجره وثوابه ( ورد الثلاثمائة) ، هو الاستغفار( مائة مرة) ، والصلاة على النبي
(صلاة الفاتح لما أغلق ، أو بأية صيغة ممكنة مائة مرة )، الهيللة ( لا إله إلا الله
مائة مرة ) . يتلى هذا الورد في العشي والإبكار بعد صلاة الصبح والعصر من كل يوم
على مدى العمر كله .
ولعل ذلك ما يجعل الحموية ، وقبلها التيجانية عموما، من
أسهل الطرق الصوفية استمساكا من عامة الجمهور ، وليست معقدة ، بأحزاب و أوراد وطقوس
متشعبة قد لا تكون ميسورة للناس العاديين ! كما هو حال بعض الطرق الصوفية في المشرق
الإسلامي .
إن الطريقة التيجانية هي طريقة شكر جارية على سنة السلف الصالح من
الرعيل الأول من صحابة رسول الله
رضوان الله عليهم أجمعين ، وتقوم على
الاعتدال والتقيد بأحكام الشريعة الإسلامية الظاهرة والسنة النبوية الصحيحة وآدابها
المعروفة بلا إفراط ولا تفريط ولا ضرر ولا ضرار.
وقد أتيح لكاتب السطور أن يزور
المقر العام للتيجانيين الحمويين في مدينة " انيورو" ، والتقي بخليفتها الحالي
الشيخ المربي الكبير محمدو ابن الشيخ أحمده حماه الله ، وهو آخر أنجال الشيخ المؤسس
الأحياء ، وقد حضر معه آخر جمعة مباركة من السنة قبل الماضية في شهر شعبان ،
والخليفه الحالي يتمتع بقوة روحية ومعنوية كبيرة تعكسها دماثة أخلاقه والبشر الدائم
الذي يعلو وجهه ، والتواضع الجم لمريديه وزواره على نحو قل في هذا الزمان .. ولذلك
فهو يحتل مكانة سامقة في تلك المنطقة الحدودية ، حيث يساهم في حل المشاكل
الاجتماعية (الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والمواريث..) ، والخلافات المستحكمة
الدائمة بين الرعاة الموريتانيين والمزارعين الماليين .
ويلاحظ الزائر للشيخ
الكبير أنه يسهم في حل أغلب المشكلات المتفاقمة التي تستعصي على الحل ، حتى من طرف
الجهات الرسمية الإدارية في البلدين المتجاورين مالي وموريتانيا .!!.
ومع أنه
عاش جل عمره – أطال الله بقاءه – في جمهورية مالي إلا أنه يحرص من عقود من الزمن
على التحدث باللهجة العربية الحسانية مع زواره من السياسيين الأفارقة والأجانب
الغربيين ، ويستعين بالترجمة من خلال مريديه المتخصصين في اللغات الإفريقية
واللاتينية.
وقد لقيت هناك في العاصمة الروحية للتيجانية الحموية بعض الصحفيين
الأجانب الذين قالوا إن الشيخ الحالي للتيجانية الحموية هو أحد المصلحين العظام
ومعلمي الأخلاق الكبار، وكان من تأثيره دخول الناس في الإسلام وانقيادهم للشريعة
وأحكامها وتربية تلاميذه على قيم تلهب فيهم جذوة الجرأة والنشاط والحيوية .
وفي
كلمة واحدة ، فان التصوف الإسلامي في غرب إفريقيا كان طبيبا لجرحى القلوب الذين
يشفون به همومهم وأحزانهم ، وآية ذلك أن الزاوية في هذه المنطقة ظلت مصدرا للتأطير
الاجتماعي والسياسي ، ولذلك ليس بالغريب أن يتسرب نفوذها بين العامة والخاصة من
مثقفين وعلماء وكتاب وحملة الدرجات العلمية الرفيعة ، وهؤلاء وغيرهم يعيشون في
كنفها وحضنها ، ويجدون فيها راحة البيت وأنس الأحبة والإسعاف والرفد الروحي الإلهي
.. ومن هنا أخذت مكانتها ولا تزال ..